29 ديسمبر 2008

يلا نبوق!! مهرجان خاص



مع اقتراب انطلاق مهرجان هلا فبراير

اخشى ان البلد عايش مهرجان خاص للحرامية ولا أحد حتى يفكر بالدعاء عليهم..

المطلوب من القراء الكرام اقتراحات لتطوير مهرجان يلا نبوق..

مع لعلم ان الحرامية مستعدين يدفعون من جيبهم الخاص ومن الأموال العامة للصرف على ضمان نجاح المهرجان اللي احتمال يصك على مهرجان دبي!!

الحرامية ناطرين مني افكار عشان ننطلق بتسويق المهرجان قريبا..

26 ديسمبر 2008

الأزرق يبي فزعتنا!!



أيام وتبدأ ليالي كأس الخليج ي نسختها الـ 19، في مسقط هذه المرة الظروف مختلفة لم تعد جميع المنتخبات كما كانت، المستوى متقارب وإن كان حال منتخبنا هو السيء والكل يعلم بالحال!!

في رأيي الشخصي لا يستحق لاعبينا أي إدانة على مستواهم ولا نلومهم إن خسروا وودعوا البطولة مبكرا، يجب أن نمنحهم ثقتنا ونقف معهم، صحيح لا نرغب بالخسارة ولكن في النهاية هذه كرة القدم وهذه ظروف أزرقنا المسكين، دعونا نتفائل فالأزرق كان يتغلب على الظروف لأن هناك من يؤمن بذلك، الأزرق عام 1986 فعلها بالمنامة والأزرق عام 1996 بمسقط عملها مرة أخرى، كل ما نريده هو أن نشجعهم حتى آخر دقيقة من آخر مباراة لهم في البطولة.

يجب أن نعترف بتأخر مستوانا مقابل التطور الهائل للكرة الخليجية، البطولات المحلية الخليجية مميزة بالتغطية الإعلامية وبالدعم الخاص والعام وبوجود استقرار إداري في الاتحادات أما نحن فالدوري أقرب للعب شوارع فيه نوع من التنظيم!!

حتى وإن فزنا بالبطولة "يارب" فهذا لا يعني أن منتخبنا أستاعد عافيته، فالمنتخب يحتاج لتحضيرات خاصة ومعسكرات خاصة وتفرغ رياضي حقيقي، ومدرب يملك كل ما يحتاجه ويحتاج لوقت لإثبات نفسه كمدرب يقود منتخب لتحقيق إنجاز وليس كجليس أطفال أو مدرب طوارئ كالعادة مع محمد إبراهيم.

تاريخ كأس الخليج لا يشفع للأزرق بأن يظهر نفسه كبطل أسطوري، ومسقط مرة تقف معنا ومرة ضدنا، فقط لنترك محمد إبراهيم يعمل فمعه أفضل ما في الدوري الكويتي ولا يوجد برأيي أفضل من هؤلاء.

عندهم شكسبير وعندنا والموناليزا تشرب شيشة!!



كتب – بدر بن غيث:

المكان: منطقة صبحان الصناعية – قاعة سلطان.
الزمان: الساعة السابعة من مساء الأربعاء 17 ديسمبر.
حالة الطقس: برودة قارصة تزيد من وحشة شوارع صبحان!!

"مثلما يفتخر الغرب بشكسبير ودانتي ومايكل انجلو وبالعديد من الفنانين والمبدعين..نحن أيضا لدينا من نفتخر بهم" كان هذا رد الفنان حمد الصعب على سؤالي له حول اختياره لكل من أسمهان، رشدي أباظه، أم كلثوم، هند رستم، صباح، فاتن حمامه، فيروز، عبدالحليم حافظ إضافة إلى محمود الكويتي ولوحة للموناليزا وهي تشرب الأرقيلة ولوحة لرقصة صوفية بتصميم مبتكر.

حمد الصعب وعلي سلطان مبدعان في مجالهما بعالم التصميم الجرافيك، قررا أن ينفذان أعمالهما بطريقة مبتكرة راحا ينتقيان الصور بطريقة تدل على صدق نيتهما في الإبداع، حتى أن بعض الصور قاما بشرائها من مجلات في إصدارات قديمة جدا.

الغريب في المعرض ليس فقط طريقة تنفيذ التصاميم التي من السهل الحكم عليها، فيقال بأن حمد وعلي قاما باللعب بأحد برامج التصميم واستغلال الصور لا أكثر ولا أقل، فهذا الحكم هو تقييم فقير ولا يتسم بالصحة والدقة، فمن يدقق النظر في أي عمل من أعمال المعرض في تلك الصالة الصغيرة سيجد أن هناك جهدا كبيرا في جعل كل لوحة تنفرد عن الأخرى في استخدام برامج الجرافيك وجعل الأعمال أقرب لأعمال فنية تم تنفيذها بألوان زيتية وببراعة فائقة، الغريب في المعرض أن جميع المعروضات تم تنفيذها من قبل الفنانين ولم تكن الأعمال منفصلة، فكل الأعمال ممهورة باسم حمد وعلي وكل الاعمال من إنتاج هذا العام.

سألت حمد الصعب لماذا لم يقدم هذا الإبداع لمؤسسات ثقافية مثل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أو الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، فقال بأن المجلس الوطني خذله ذات مرة وخيب ظنه كمؤسسة ثقافية، فسبق أن حصل على موافقة المجلس بأن ينظم معرضا لأعماله في المرسم الحر وتمت الموافقة، وتم ترتيب كافة ما يحتاجه لتنظيم المعرض من طباعة الدعوات وكتيب المعرض والإضاءة، إضافة إلى حجز الضيافة الخاصة للمعرض، وقبل افتتاح المعرض بأسبوع قرر المجلس الوطني إلغاء كل شيء!!






أما عن الجمعية وغيرها من الجهات الداعمة للفن، فلم يتوجه لهم لأكثر من سبب منها خيبة الأمل من المجلس، إضافة إلى أن تلك الجهات بحاجة إلى التزام دائم في الحضور والمشاركة، في حين أنا وعلي نأخذ الفن كهواية من دون قيود، لم تنته مفاجآت حمد فقال بأن هناك لوحة تشارك حاليا في العاصمة القطرية "الدوحة" بمعرض الصليب الأحمر وقدمناه كإهداء منا لذلك المعرض، كما أننا خصصنا نسبة 20 % من ريع المعرض لمساعدة مشروع إنساني لمنظمة بريطانية ستساهم في تكاليف رعاية متلازمة الداون في الكويت، وكل هذا في سبيل أن يساهم الفن بخدمة المجتمع، كما أننا سنخصص في المعارض والملتقيات المقبلة حصص من بيع الأعمال للعديد من المشاريع الخيرية التي تخدم المجتمع.

قررت العودة بجولة على الأعمال المعروضة، واستخلصت بأن ما قدماه علي وحمد يعد فن يستحق الدعم والتشجيع، بل أن فكرة تخصيص نسبة من ريع المعرض هو بحد ذاته إحساس فني خالص، وفيما يتعلق بالأعمال معظمها مميزة بألوانها المتناسقة وتميز كل منها باستخدام خطوط وأسلوب خاص في التنفيذ أقرب للمدرسة التأثيرية.




17 ديسمبر 2008

طين+ نار + ماء= فن !!




خزف علي العوض يكشف تناقضات الحياة!!

كتب – بدر بن غيث:

يفتتح السبت المقبل في قاعة بوشهري للفنون المعرض الشخصي للخزاف الكويتي علي العوض، حيث يضم المعرض أعمالا خزفية للفنان الذي يعالج فيها تناقضات الحياة.

وقال الفنان علي العوض حول المعرض " المشاعر المتناقضة التي نحملها في أنفسنا كانت فكرة المعرض ... فمن بين هذا الظلام الطيني نجد بريق من نور يعطينا الأمل فيما تبقى من حياتنا ..." ، وحول اختياره فن الخزف واللعب بالطين والنار والماء أجاب العوض " تأخذني الحياة لأصنع من الطين قصصا مروية وروايات فخارية وملاحم خزفية أبطالها يحيون بالنار ويموتون بالماء".

وعن استعداده للمعرض أشار العوض إلى أن ما سيقدمه خلال المعرض هو عدة أعمال نتاج الثلاثة سنوات الماضية، كنت أخوض فيها المواجهة بين النار والطين والماء وأتمنى أن يحوز المعرض على إعجاب محبي فن الخزف بشكل خاص والفنون التشكيلية بشكل عام.




من أعمال الخزاف علي العوض

12 ديسمبر 2008

تمثال الحرية في الكويت!!




في نقاش تابعته في إحدى المدونات حول فكرة تحرك شبابي لنقل تمثال الشيخ عبدالله السالم، من مقر جريدة الرأي العام في شارع الصحافة، كان الحوار يصب في اتجاه واحد تقريبا الجميع يؤيد الفكرة ولكن لم أسمع عن أي تحرك حقيقي بعدها!!

دفعتني الفكرة للعودة لصاحب التمثال النحات سامي محمد، الذي رحب بحوار خاص حول تمثال الشيخ عبدالله السالم (نشرته مؤخرا في المدونة)، وأثناء تفريغي لشريط اللقاء وصلتني رسالة من تجمع صوت الكويت، تناقش ذات الفكرة حول فكرة تحرك جدي لنقل التمثال لمجلس الأمة، وحتى لحظة كتابتي لهذا المقال لم أسمع أي رد حول وجهة نظري التي أرسلتها لهم.

تمثال الشيخ عبدالله السالم هو من ممتلكات أسرة آل المساعيد الكرام، وأعتقد بأنه آن الأوان لنقل التمثال لمكانه الصحيح من خلال أي خطوة تكفل حق ورثة المرحوم عبدالعزيز المساعيد صاحب فكرة تخليد أبو الدستور بتمثال من صنع النحات الكويتي سامي محمد، بإمكاننا أن نجمع التبرعات الكافية لشراء التمثال من أصحابه، بإمكاننا أن نخاطب أسرة المساعيد ليهدوا التمثال للشعب الكويتي، وننقله لمكانه المناسب أو على الأقل نمضي في مطالبة الشخصيات العامة وجهات مسؤولة للعمل على اقتناء التمثالين (التمثال الآخر للشيخ صباح السالم) ، فهذه الخطوة إن حدثت فإنها ستعد تجربة شبيهة جدا بقصة النصب التذكاري الشهير الموجود في ولاية نيويورك "تمثال الحرية".

فالمعروف في كتب التاريخ أن هذا التمثال الذي أهدته فرنسا للولايات المتحدة بمناسبة ذكرى الاستقلال الشهير عام 1776 ميلادي، كان مقررا أن يقف تمثال الحرية في قناة السويس أيام الخديوي إسماعيل والي مصر، بمناسبة افتتاح قناة السويس الشهيرة إلا قلة الميزانية لم تسمح بتنفيذ الفكرة، وقبل نقل التمثال للولايات المتحدة بدأت كل من فرنسا والولايات المتحدة تعيش حالة من النشوة الشعبية والحماس الذي بثه الإعلام، الذي اعتبر تمثال الحرية رمزا ستستفيد منه الأجيال القادمة، لما يحمله من دلالات تاريخية وإنسانية، وليس صنما للعبادة كم يعتقد بعض الجهلاء!!

راح الأمريكيون والفرنسيون كل في مكانه بجمع التبرعات من خلال تخصيص ريع الأنشطة الثقافية كل المسرح والمزادات وغيرها، ليجمعوا مبلغا ضخما نقل على أثره التمثال لولاية نيويورك، تلك الهدية أصبحت اليوم معلما أساسيا ليس فقط لولاية نيويورك فحسب بل للولايات المتحدة الأمريكية، التي تتباهى بأن مجتمعها حر يدعو لمفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إن تلك التجربة في تلك الحقبة من التاريخ تعد من وجهة نظري مثالا نموذجيا بإمكاننا أن نحققه في نقل تمثالين من البرونز كاد أن يدمرهما الغزو العراقي الغادر، ومتى ما تحركنا وحققنا النجاح فنحن بهذه الخطوة كسبنا الثقة بأنفسنا وعززنا من اهتمامنا بالفن التشكيلي الكويتي، وهي فرصة لنتعرف على مدى حبنا لتلك الشخصية الرائعة في تاريخ الكويت فالشيخ عبدالله السالم يحبه الجميع ووضع تمثاله في مجلس الأمة أو في أي ساحة عامة كساحة الإرادة هي تكريم بسيط لشخص أبو الدستور.

10 ديسمبر 2008

يوم واحد فقط..!!




ما أن انتهت الحرب العالمية الثانية وخلفت وراءها 50 مليون إنسان، وحتى البدء في مشروع إقامة منظمة الأمم المتحدة عاش العالم فقط 45 يوما بسلام لم يسمع في الكرة الأرضية عن أي نزاع او حرب خلفت دمارا كالدمار الذي خلفته الحروب العالمية، كان الأمل كبيرا بأن يعيش العالم يوما آخر على الأقل قبل أن يبدأ البشر من جديد في خسارة ملايين من جنسهم حتى يومنا هذا!!

هل الحرب وانتهاك حقوق الإنسان أصبحت من فطرة البشر، أم أن الحياة بسلام تتطلب أن نعيش حروبا أفظع من تلك التي عشنها لنتذوق طعم السلام بعد مرارة الحروب والمنازعات؟!

في العاشر من ديسمبر من عام 1945 أصدرت الجمعية العامة لمنظمة الامم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ذلك الإعلان الذي تحول إلى مصدر هام في صياغة أي اتفاقية دولية أو اقليمية تتعلق بحقوق الإنسان، بل مثلت بنوده الثلاثين نصوصا يمكن الأخذ بها في صياغة الدساتير المحلية للدول كما هو حال دستور دولة الكويت 1962.

رغم أهمية الإعلان ومناسبته السنوية إلا أننا كبشر لم نحرز أي تقدم في مجال حقوق الإنسان، كل ما نريده هو تطلعات وأمنيات نتبادلها إما بتنظيم مؤتمرات وندوات أو احتفاليات يحضرها ذات الوجوه التي نلتقيها كل سنة، فعندما أناقش الزملاء عن حقوق الإنسان ترفع "الحواجب" ويعتبر الحديث في هذا الموضوع هو الدخول في السياسة أو محاولة غربية لاختراق المجتمعات المسلمة بحجة حقوق الإنسان وتطبيق مفاهيمها التحررية اللا أخلاقية كما يعتقد البعض!!

دعونا نعيش يوما واحدا من دون نزاع في العالم، كم هو حلم جميل لا يتحقق بالدعوات فقط بل بالعمل، هل فكرت أن تقرأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟..هل فكرت أن تقرأ أي وثيقة دولية معنية بحقوق الإنسان الكويت طرفا بها؟

ماذا تعني لك "حقوق الإنسان" لماذا هناك انتهاكات دائمة لهذه الحقوق، لماذا هناك من يرفضها؟..هل هي مثالية هل هي مطبقة فعلا ونتلمسها؟..هل نحتاج بأن نزيد من تلك الحقوق؟..

ماذا يعني ان نعيش من غير حقوق؟!..هل سبق أن تعرضت لانتهاك لبعض حقوقك وكيف؟! ما السبيل لحماية حقوقك وحقوق غيرك؟

تساؤلات أطرحها عليك عزيزي القارئ حتى تتذكر بأنك لا تعيش وحدك، لا أريدك أن تتسرع في الإجابة بل تأمل ما حولك؟ ..

فقط يوم واحد فقط أريده لك ولبقية من تحب وتكره!! فقط يوم واحد نعيشه في بسلام..أعتقد بأن العالم سيكون أجمل لو عشنا فيه يوما واحدا فقط بسلام..

05 ديسمبر 2008

عندما تنتصر" الأفكار العارية"..!!



لم يكن مقررا أن أكون على جدول برنامح حفل رابطة الأدباء بمناسبة تسيلم جائزة الأديبة ليلى العثمان للقصة والرواية لهذا العام، كنت مستعدا للجلوس والاستمتاع بهذا الحفل البسيط بتجهيزه الرائع الغني بحضور شخصيات فاعلة على الساحة الأدبية والإعلامية، اتصل بي الفنان سامي محمد وطلب مني أن أجهز كلمة بخصوص المناسبة، لم أتردد في قبول طلبه، ورحت أجلس لساعة تقريبا محاولا البحث عن كلمة تناسب الحدث، فهذه المرة المناسبة في مقر أصحاب الكلمات المؤثرة في عقر دار من يعرف فن الانصات.

مهمة صعبة جعلتني أعدل عن كتابة أي شيء، ولم يتبق سوى ساعة تقريبا من موعد الحفل، اتصل بي الفنان سامي محمد ليطمئن على تجهيزي للكلمة، قلت له بأني لم أحضر شيئا وسأرتجل أحسست بأنه "متضايق" لكنه عبر عن ثقته بي وبقدرتي على الارتجال بالشكل المطلوب، منذ ان أنهيت المكالمة عرفت من أين أبدأ في كتابة كلمة لابد منها.

وصلت رابطة الأدباء قبل موعد الحفل بنصف ساعة جلست بالديوانية بصحبة الزملاء الاعزاء الكاتب عقيل عيدان والأديبة الواعدة ميس العثمان، والروائي الواعد الصحفي محمد هشام المغربي إضافة إلى أمين عام الرابطة الأستاذ حمد الحمد، جلسنا نتبادل تعليقاتنا حول اهتمام الأديبة ليلى العثمان بتشجيع الشباب، وتناولنا على عجالة الاعتصام الذي نظموه في معرض الكتاب الـ33.

بحثت عن الأستاذ سامي محمد وجدته يقرأ بتأني لوحة الإعلانات، فاجأته بالترحيب به وقال "وينك اتصل فيك ما ترد..؟!" واعتذرت له بأني معتاد على وضع التلفون على وضع الصامت، متى ما كنت في مناسبة كهذه، أخرجت من جيبي الكلمة التي سألقيها محاولا أن أؤكد لأبوسامه بأني جاهز، انطلق بي يبحث عن الأديبة ليلى العثمان، تبادلنا معها التحية وشكرها على دعمها للشباب، وراح أبو أسامه يقدمني لها فلم تتردد في طلب منسق الحفل "ميس العثمان" أضافت اسمي على برنامج الحفل، وطلبت مني الكلمة حتى تنسخها.

عدت للديوانية وهذه المرة حواري كان مع أمين عام الرابطة الأستاذ حمد الحمد، تحدثت معه عن مكانة رابطة الأدباء في نفوس الشباب واعتبارها من أنشط جمعيات النفع العام، كان فخورا بقدرة الشباب وراح يسرد لي دعم الرابطة الواضح للشباب، فقال سبق للرابطة ان أسست منتدى خاص للشباب وها هي الرابطة تجني الثمار فيوسف خليفه وميس العثمان واستبرق أحمد وغيرهم من الشباب نالوا الشهرة والمكانة وتقلد بعضهم مناصب في مجلس إدارة الرابطة في السنوات الماضية.

غادرنا الديوانية باتجاه قاعة الاحتفال، جلست بالقرب من سامي محمد محاولا أن أهيء نفسي لما سأقرأه، أعلم أن صعودي لخشبة المسرح سيكون صعبا وغير متوقعا على الجميع، عل التوالي تحدثت الأديبة ليلى العثمان فنالت تصفيقا حارا ومن ثم د.أسامه طالب النقد وأحد أعضاء لجنة التحكيم فنال تصفيقا نظير كلماته المشجعة للفائز، وجاء دوري ووصلت للمنصبة.

"تسمرت" في مكاني فعدسات المصورين صوبت باتجاهي حتى كدت أفقد القدرة على التركيز بما سأقرأه، بدأت بقراءة الكلمة بسرعة فائقة أكاد لا أفهم ما أقرأه، لكن ما هي إلا لحظات حتى رفعت رأسي باتجاه الجمهور الغفير مرتجلا كل ما أتذكره بأني اقتبست بشكل غير مباشر ما كنت سأقرأه عليهم.

بعد تصفيق الجمهور عدت لمقعدي القرب من سامي محمد، قالها بارتياح "كلمة رائعة جدا..قواك الله" ارتحت كثيرا واستمتعت ببقية برنامج الحفل، صعد الفنان سامي محمد للمنصة مع الاديبة ليلى العثمان ليسلما الجائزة للزميل المبدع القاص يوسف خليفه جائزته، نعم كم أنت محظوظ يا يوسف نلت جائزة ليلى العثمان ونلت منحوتة رائعة من سامي محمد ونلت اعجاب الجمهور وتصفيقهم.

يوسف خليفه ذياب نال الجائزة عن مجموعته القصصية المميزة "أفكار عارية"، قرأت منها بعض القصص بالفعل يستحق الجائزة لأنه مبدع، والآن عرفت لماذا منعت مجموعته القصصية من النشر في معرض الكتاب الأخير، لأنها مجموعة رائعة فيها من الإبداع الكثير، وعلى ما يبدو أن الرقيب يرفض مثل هذا النوع من الإبداع في القصة القصيرة جدا ويفضل أن تكون قصص الأشباح وتحضير الأرواح وقراءة البخت "المايل" والأبراج هي النوعية الوحيدة من الكتب الذي يجب أن نشتريه ونقرأه في كل عام!!

كم نحن بحاجة إلى 1000 من ليلى العثمان و1000 من سامي محمد ليستمر الشباب المبدع في إبداعهم، اما مؤسسات الدولة فقد "شاخت" وكبرت ولم تعد قادرة على انجاب الإبداع وصقله نعم هم يجتهدون لكن هذا الجهد يحتاج"فزعة" حقيقية تعيد للشباب حقهم من الاهتمام بابداعاتهم في شتى المجالات.

04 ديسمبر 2008

تمثال الشيخ عبدالله السالم full story




لجأت "للصعايدة" لرؤية التمثال..التماثيل شهود على همجية الاحتلال
سامي محمد يروي حكاية تمثال عبدالله السالم

كتب – بدر بن غيث:

أن تفتح كتابا لتقرأ حدثا تاريخيا فهذا لا يغنيك عن تخيل نفسك تعيش ذلك التاريخ، فكيف وأنت تجلس مع من يصنع التاريخ ليحكي لك الحكاية دون رتوش، يسرد لكل التاريخ بطريقة مشوقة تجعلك تتمنى صناعة آلة الزمن والعودة مع صاحب الحكاية لرؤية ما يجري في حكايته، في الحقيقة أحسست بأنني انتقلت لفترة السبعينات من القرن الماضي رغم أني من مواليد 1981، وأنا ومعي عدد من أعضاء مجموعة سامي محمد للفنون التشكيلية الكويتية.

حيث كنا على موعد للاستماع لحوار خاص مع الأب الروحي للمجموعة والنحات العالمي الفنان التشكيلي سامي محمد، جلس أبوسامه وحوله أبناءه الفنانين الواعدين مستمتعين بأحاديثه، فمن النادر أن يحظى أي منا بفرصة للقاء فنان بحجم وتاريخ سامي محمد، فالمكان الذي جمعنا مقر جمعية السدو الحرفية أو ما يعرف ببيت السدو، المقر الدائم لمجموعة سامي محمد للفنون التشكيلية، كانت الساعة السادسة مساء والفنان سامي محمد عهدناه ملتزما بمواعيده فحضر هذا اللقاء على الموعد، لم يكن مقررا أن أسجل له هذا الحوار ولكن كانت فرصة سانحة لطالما طالبته مرات عدة بأن أحظى بهذه الفرصة لتسجيل حوار خاص ليروي لي حكاية تمثال الشيخ عبدالله السالم وتمثال الشيخ صباح السالم، اللذان نصبا في مبنى جريدة الرأي العام في شارع الصحافة.


كان الهدف من تسجيل هذا الحوار معرفة قصة تمثال الشيخ عبدالله السالم كاملة، بعد أن تزايدت المعلومات المغلوطة حول هذا التمثال، إضافة إلى رغبة العديد من المهتمين بالفن التشكيلي لمعرفة

في عام 1971 المرحوم عبدالعزيز المساعيد صاحب امتياز ورئيس تحرير جريدة الرأي العام، للمحبة المتبادلة بينه وبين الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم بحث عن طريقة لتخليد ذكرى هذه الشخصية العظيمة في تاريخ الكويت، من خلال عمل فني يضعه مقابل مبنى الجريدة في منطقة الشويخ (شارع الصحافة).

زار المرسم الحر بعدما سأل عن تكلفة عمل النصب التذكاري خارج الكويت والتي كانت تكلف الكثير، وقرر أن ينظم مسابقة بيننا نحن النحاتين وقتها خزعل القفاص والمرحوم عيسى صقر وأنا، وقدم كل فنان منا نموذجا يجسد فيه الفكرة من النصب التذكاري، بالنسبة لي قدمت نموذجا قريبا جدا من الشيخ عبدالله السالم نتيجة حبي للعمل على (البورتريه) حتى أنني اهتممت كثيرا وتمرنت على نحت جميع أجزاء الجسم كاملا، وأعود للنموذج الذي مازلت أحتفظ به في البيت على الرغم من الدمار الذي حل به من قبل الجنود العراقيين الذين قطعوا رأس التمثال، وفي مغامرة لي أيام الاحتلال العراقي الغاشم تسللت للبيت لإخراج بعض الحاجيات ومنها النموذج.


عاد المرحوم عبدالعزيز المساعيد لاختيار بين النماذج المقدمة، واختار التمثال الذي قدمته نظرا لتجسيدي أحداثا عدة في التمثال، حيث يجلس الشيخ عبدالله السالم على كرسي الحكم، نظرا لأن الكرسي يمثل مكانا للخطابة وهو مكان لا يعتليه إلا من يمكن من المكانة السياسية بين الناس وقادر على كسبهم، كما وضعت يده اليمنى على الدستور، كما أنني وضعت على الجانب الأيمن من الكرسي ملامح من التقدم في المجال الصناعي والتعليمي، في حين جسدت خلف الكرسي ماضي الأجداد والآباء من حياتهم في البحر، بينما خصصت الجانب الأيسر من الكرسي للتقدم العمراني الذي شهدته الكويت في عهد الشيخ عبدالله السالم.

بعد نجاحي في تلك المسابقة المصغرة طلبني عبدالعزيز المساعيد للحديث حول تفاصيل عملية تنفيذ التمثال، وقلت له بأني بحاجة لمكان لتنفيذ المنحوتة إضافة إلى الخامة التي أحتاجها لتنفيذها في مرحلتها الأولى، وبعد ذلك يمكننا العودة للحديث عن المرحلة الأخرى من تنفيذ المنحوتة، قام المرحوم بتخصيص مكان لي في مطبعة جريدة الرأي العام (القديمة)، وبدأت العمل في الجبرة الخالية من أي موظفين، وبقيت أعمل على المنحوتة ما يقارب العام تقريبا، حيث كانت الخامة التي عملت بها المنحوتة الطين وبعد ذلك حولتها إلى خامة الجبس.

في الحقيقة كانت تواجهني مشكلة كادت أن تفسد نجاحي في مسابقة المساعيد، وقتها كانت كافة الصور المتداولة للأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم بالأسود والأبيض، إضافة إلى عدم وجود أي تسجيلات يمكنني الاستفادة منها لمعرفة جسم الشيخ عبدالله السالم، وخاصة وجهه، كما يعرف الجميع فالنحت يعتمد على الدقة في نقل تفاصيل الوجه والحصول على وجه مقارب للشخصية الحقيقة بنسبة قد تصل إلى 100%، وفر المساعيد وقتها كافة الصور المتاحة وجلست أبحث بجد عن كيفية تجسيد هذه الشخصية، ففي كل مرة أردت أن أنحت شخصا ما أضعه أمامي وأقوم بنقله بسهولة، كما حصل هذا حينما كنت أنحت والدتي رحمها الله والعديد من الأشخاص الذين جلسوا أمامي لأنحتهم، لكن هذه المرة الصعوبة تكمن في أن هذه الشخصية لن تكون حاضرة أمامي، إضافة إلى أنه مطلوب مني تنفيذ التمثال بدقة عالية.

كانت بحق معاناة كبيرة جدا تتطلب التركيز وهي على كل حال ستكون اختبارا لي لتثبت بأني فنان تشكيلي ونحات، خصوصا وأن بعض الرسامين يقومون بنقل "البورتريه" من الصور ولا يمكنهم التعامل مع هذا النوع من الرسم عندما يكون الشخص موجود بالفعل أمامهم، في حد ذاته هذا لا يعتبر بأي حال من الأحوال فنا.

أثناء عملي على تنفيذ التمثال داخل الجبرة كان الشك يزورني مرات ومرات حتى أنني أحسست بأنني أخطأت في تنفيذه، أذكر بأني أسهر على التمثال حتى الثانية فجرا في منطقة الشويخ، حيث كان هناك تعليمات أمنية بفرض نوع من حظر التجول في تلك الساعات المتأخرة بتلك المنطقة، حتى أنه في العديد من المرات تصادفني بعض الإحراجات خلال نقاط التفتيش خصوصا وأنا أرتدي (بنطول وقميص) مما أجد صعوبة في إقناع رجال الأمن بأني كويتي ولست بعامل من جنسية أخرى.



قررت أن أجد من ينتزع بذرة الشك التي راودتني كثيرا خلال عملي، وخصوصا وأني أشرفت على الانتهاء منه ولا أحتاج إلا ضمان نجاحي في الوصول لنسبة عالية جدا من تمثيل الشيخ عبدالله السالم في هذه المنحوتة، في احد الأيام ترصدت في الشارع المقابل للمطبعة التي أعمل فيها، انتظر أي شخص يطوف بجانب الرصيف لأستدعيه كشاهد إثبات، وصدف أن أوقفت مقيمان مصريان "صعايدة" وطلبت منهما الدخول معي لرؤية التمثال، وبمجرد دخولهما تعرفا على الشيخ عبدالله السالم حتى أن أحدهما قالها بطريقة انبهار "هو ده الشيخ.." بهذه الطريقة تأكدت من نجاحي، كم أحسست يومها بأني نجحت وحققت ما كنت أخشى أن أفشله به، وطوال عملي لم يطلع عبدالعزيز المساعيد على العمل وبقي يترقب انتهاء التمثال.



عام 1972جاء يوم رفع الستار عن تمثال الشيخ عبدالله السالم وسط حضور أعضاء مجلس الأمة، وعدد من المسؤولين وجماهير غفيرة وصحافيين وفنانين ومهتمين، حيث رفع الستار عن التمثال داخل دار الرأي العام ولم نضع التمثال أمام مبنى الجريدة كما كان مقررا للأمر، والسبب في ذلك أن المساعيد أراد في البداية أن "يجس" نبض الشارع والمسؤولين عن وضع التمثال الأول من نوعه في الكويت، حيث انتشر الخبر عبر وسائل الإعلام والناس حتى تدخلت جمعية الإصلاح الاجتماعي في إيقاف هذه الفكرة عبر خطاب مرسل من قبلهم للمرحوم المساعيد مما كاد أن يحول هذه المناسبة لقضية سياسية دينية، وتشاورت مع المساعيد على هذا الأمر، فقرر المساعيد عرض التمثال داخل مبنى الجريدة من دون أن يقلل ذلك من أهمية الحدث، وخاصة وأننا لا ندري ما يمكن أن يتعرض له التمثال!!

ولجمعية الإصلاح دور أيضا في قرار بلدية الكويت في ضرورة إزالة التماثيل التي نصبناها على سور الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية في بداياتها عام 1967، في مقرها القديم "بيت النقيب" بالقرب من مجلس الأمة الحالي على شارع الخليج العربي، كنا نسعى لتزيين الشارع أنا والعديد من الفنانين فوضعنا إنتاجنا على واجهة سور الجمعية، كمساهمة منا للتعريف بقدرة الجمعية وقتها على المساهمة في تزيين الشوارع والميادين، للأسف صدر القرار من البلدية بإيعاز من جمعية الإصلاح التي اعتبرت هذه التماثيل خروجا عن العادات والتقاليد، قررنا الامتثال للخطاب "الإنذار" الذي لم يمهلنا سوى أسابيع وإلا قامت البلدية بإزالة أعمالنا، من دون التفكير بأن نقوم بالتصعيد الإعلامي والمواجهة آنذاك، لم أكن راضيا بهذا القرار فما قمنا به هو من صميم عملنا من جانب ومن جانب آخر كنا نود أن نزين شوارع الكويت..ولكن!!

صدى الاحتفال وصل للوطن العربي، خاصة وأنه لا يوجد تمثال يحظى بهذا الاهتمام في دولة عربية مثلما حظيت أنا به في ذلك اليوم التاريخي، الذي اعتبره من أبرز أيام الحركة التشكيلية الكويتية، ووقتها عمري لم أتجاوز الثلاثين عاما حيث كانت أسرتي صغيرة جدا أنا وزوجتي وابنتي هيفاء وكوثر، وفي نفس العام ولد ابني أسامه.


سافرت بعدها للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فأنا من ضمن الفنانين الذين حظينا بالتفرغ الفني وحظينا بفرص لاستكمال دراساتنا في العديد من الدول، تجولت في بعض الدول الأوروبية للتعرف على أفضل المسابك وعلى العديد من التجارب الفنية في مجال النحت، وأذكر بأن تكلفة "المسبك" تتعدى الثلاثين ألف دينار وهو مبلغ باهض الثمن في تلك الفترة، وبعد عودتي واستكمالي الدراسة طلبني عبدالعزيز المساعيد مجددا لاستكمال المرحلة الثانية والنهائية من منحوتة الشيخ عبدالله السالم، فقررنا أن تكون مادة المنحوتة "القالب" من البرونز خاصة وأن التمثال على وضعه الحالي "الجبس" بدأ في التآكل وعمره الافتراضي لن تتجاوز السنتين في أحسن الأحوال، تم شحن التمثال عن الطريق البحر لبريطانيا، وهناك بدأنا العمل في سباكة التمثال بالبرونز وعدنا مجددا بالتمثال للكويت ولكن هذه المرة من دون أي ضجة إعلامية أو احتفال كما حظي به التمثال لحظة رفع الستار عنه.

قبل الغزو العراقي بعامين 1988 طلب مني المرحوم عبدالعزيز المساعيد هذه المرة، لمناقشة تنفيذ تمثال آخر وهذه المرة لشخصية أخرى وهي أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم، خاصة وأن المرحوم المساعيد عرف مع من يتعامل وعرف دقتي في تنفيذ تمثال الشيخ عبدالله السالم قبل عشرة سنوات تقريبا، هذه المرة كانت تكلفة التمثال أعلى من المرة السابقة حيث وصلت قيمة التكلفة وقتها إلى حوالي خمسين ألف دينار كويتي، يصل ارتفاع التمثال للشيخ صباح السالم 4 أمتار ونصف، هذه المرة يحتاج التمثال لمكان يسمح لهذا الارتفاع خاصة وأن الجبرة القديمة لم تعد تصلح، هذه المشكلة تجاوزتها بالعمل في محترفي الخاص في منزلي بمنطقة الرقة، هذا المحترف الذي زاره الطلبة المشاركين في إحدى ورش العمل التي قدمتها في رابطة الحرفيين مع نخبة من الفنانين التشكيليين منهم المرحوم عيسى محمد، أذكر بأن الطلبة زاروا المحترف وكان من بينهم بعض الأسماء التي أصبحوا فيما بعد فنانين تشكيليين مثل الفنان التشكيلي الراحل محمد الأيوبي، في حين لم يكمل بعضهم الآخر المشوار.

قمت بتنفيذ الجزء العلوي من التمثال، المتمثل بالرأس والصدر فقط نظرا لصغر مساحة محترفي الخاص، على أن أكمل بقية التمثال في مكان آخر حتى أنني كثيرا ما ألجأ لأفراد أسرتي ليطمئنوني على وصولي لنسبة عالية من شبه الشيخ صباح السالم حيث كنت بمجرد أن أسمع من زوجتي أو من أحد أولادي بأن هناك جزء غير سليم، أمسك بالمطرقة وأبدأ في تحطيم التمثال والعودة للنحت مجددا، فذات المعاناة لاقيتها أثناء تنفيذي التمثال بحثت عن العديد من الصور في العديد من الهيئات الحكومية، حتى أني زرت الشيخ سالم صباح السالم رحمه الله في ديوانه بمنطقة المسيلة، لعله يسعفني بعدد من الصور التي أستفيد منها، ما زلت أذكر استقباله لي بحفاوة من مدخل الديوان، قدم لي كل ما يملكه من أجل أن أحقق غايتي المنشودة.

أخذت المرحلة الأولى من تنفيذ المنحوتة ما يقارب الأربعة شهور، قضيتها في محترفي ضحيت فيها بالعديد من الساعات من أجل إعادة نحت الأجزاء التي أراها غير موفق بنحتها، حتى حانت اللحظة الحاسمة تلك اللحظة التي سيحكم فيها المرحوم عبدالعزيز المساعيد على العمل، وصل المساعيد إلى منزلي كنت بقدر تلهفي لاستقباله بقدر ما كرهت لحظات الرهبة التي تملكتني كلما تقدم المساعيد خطوة باتجاه الطابق العلوي من محترفي حيث مكان التمثال!!


وصل المساعيد إلى الطابق العلوي كنت أراقب كل خطوة يخطيها بانتظار أن يحسم حالة الترقب، وبعد تأمله بالتمثال التفت إلى قائلا "قواك الله..تمام" هكذا أطفأ المساعيد نار التوتر، ونجحت من جديد في كسب ثقته وتعزيز ثقتي بنفسي، لحظتها أحسست بالراحة والسعادة تغمرني وتكتسح المحترف، بعدها قرر المساعيد أن أشد الرحال لبريطانيا لاستكمال بقية التمثال والعودة بعده مجددا للكويت، هناك حجزت مخزن خاص للعمل على استكمال التمثال وكان لزاما أن يكون العمل دقيقا إلى أبعد الحدود خصوصا وأن مسألة تركيب النصف الأول من التمثال مع النصف الآخر، بحاجة لحسابات دقيقة وعمل دؤوب استغرق مني ما يقارب الشهرين أمضيتها بصحبة تمثال الشيخ صباح السالم.

عدنا بتمثال صباح السالم إلى الكويت لكنه لم دخل دار الرأي العام، في موكب صامت لا ينم عن فرح وبدأنا بتثبيته داخل المبنى حيث يصل عمق الخرسانة الاسمتنية ما يقارب الثلاثة الأمتار تحت الأرض إضافة إلى أسياخ وبراغي خاصة لضمان ثباته، كل هذا جرى قبل الغزو العراقي بأشهر قليلة جدا، فقط كانت علامات البهجة واضحة بين العاملين في الجريدة الذين حضروا لحظات دخول التمثال مع نشر الخبر وصور التمثال، لينضم إلى تمثال عبدالله السالم.



بعد التحرير استدعاني المرحوم عبدالعزيز المساعيد للمرة الثالثة، هذه المرة لترميم وإصلاح ما أفسدته أيادي الغدر الغاشمة حيث تم إطلاق قذيفة "بازوكا" حسبما أعتقد، بهمجية على العملين، فأصيب تمثال عبدالله السالم في خده بينما أصيب تمثال صباح السالم في قلبه، وكأن الغزاة يريدون الانتقام من الكويتيين بإلحاق الأذى بالتماثيل، وعندما سألني المساعيد طلبت منه إبقاء آثار العدوان كما هي لأنها ستبقى شاهدا على همجية الغزو العراقي وكيف كان يريد تدمير الهوية الثقافية والحب الذي يجمع الكويتيين حكاما وشعبا.

في الحقيقة أرى أنه إذا فكر أحد بإخراج التمثالين من دار الرأي العام، فالمكان المناسب لتمثال الشيخ عبدالله السالم هو مبنى مجلس الأمة، فهذا الرجل هو أبو الدستور كما يعلم الجميع ولا يستحق مكانا أفضل من ذلك المكان، أما تمثال الشيخ صباح السالم فمكانه تمنيت أن يكون في المتحف الوطني، وهذا ما ناقشته مع نجل المرحوم عبدالعزيز المساعيد "فهد" وقلت له في حينها أنني على أتم الاستعداد في نقل التماثيل، لكن لم أسمع الرد حتى الآن.



ما أن انتهى أبوسامة الفنان الكبير سامي محمد حتى تساءل الجميع إن كان، ما يزال التمثالان في جريدة الرأي العام، وهل بالإمكان زيارة المكان؟ .. بدا هذا السؤال الجماعي دليل على استمتاعنا بحكاية سمعناها من صاحبها، بحثت وقتها عن تساؤلات أخرى عديدة، بعضها اعتبرتها غبية وبعضها الآخر كان دافعها استمرار بقاءنا في المكان، فالوقت داهمنا ويجب أن نغادر بيت السدو لأن موعد إغلاق البيت قد حان، لكنني على المستوى الشخصي كنت لا أمانع أن أبقى مع الفنان سامي محمد أياما ليحدثني عن أعماله، فيكفي أن تنظر إلى أحد أعماله لتفكر كيف وصل إلى هذا المستوى، وفي أي زمن كان ليحظى بتلك الفرص وأي إرادة هذه التي تجعله يكمل المشوار، فالعديد من أعماله باتت رمزا فنيا يعرف فيه العالم بأن هناك في الكويت مبدعون أمثال سامي محمد.

وقبل وداعي للفنان سامي سألته إن كان هناك تمثال آخر قد نفذه بخلاف، الطلب الذي جاءه من قبل المرحوم عبدالعزيز المساعيد؟ .. قال بأنه نفذ تمثالا لشخصية تاريخية إسلامية هي "صلاح الدين الأيوبي" بعد أن طلب منه الفنان أيوب حسين، الذي كان يشغل منصب مدير"ناظر" لأحدى المدارس الحكومية، وافقت على طلب الصديق العزيز ورحت بمعاونة معلمين التربية الفنية بتنفيذ التمثال المميز، إلا أن الصديق أيوب حسين قام بعد سنوات وقبل تقاعده بتدمير التمثال بحكم تدينه وخوفه من أن يحسب عليه "أثم".

أعتقد بأن هذه الحكاية تجبرني على التفكير بمصير التمثالين، فعلا لماذا لا نخرجهما للناس ونخرج كل الأعمال الرائعة التي أبدعتها الأيادي الكويتية، فالميادين والساحات العامة هي أحوج لنصب تذكارية نخلد فيها ماضي الكويت ونؤكد من خلالها على وجود المبدعين، لطالما كانت النصب التذكارية هي ما يميز الدول الحضارية، تكاد ميادينهم تغص بالتحف والآثار والتماثيل، بل وتعتبر مزارا سياحيا ثقافيا يشد من أجله الرحال العديد من السائحين حول العالم، فكرة إخراج التمثالين وإن كانت فكرة تحتاج لنجاحها المادة وهذه يمكن توفيرها إلا أنها باعتقادي الشخصي هي تحد بين فريقين فريق يريد الانغلاق وتدمير كل ما صنعه المبدعين في الكويت وفريق يطمح بأن نعيد الكويت كما كانت منارة ثقافية وحضارية، حتى يكون امام شباب المستقبل المبدع الدافع للعمل والمضي في ذات الطريق الذي ارتضاه المبدعون في الكويت.





من اللقاء..

نسخة في الشارقة

احتفظ الفنان سامي محمد بالنسخة المصغرة "النموذج الأصلي" من تمثال صباح السالم في بيته بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ولا يتعدى ارتفاعه المتر.

100 ألف دينار
يقول سامي محمد إن من بين الأقاويل التي سمعها بأن أسرة آل المساعيد لم تقبل ببيع التماثيل حتى لو بلغ المبلغ 100 ألف دينار!!

مهمة شاقة
ثبت سامي محمد أعماله الخالدة بالأرض بحمولة 2 طن من الاسمنت، وأكد على أنه في حال سمح بنقل التماثيل بيوم من الأيام ستكون مهمة شاقة.

بانتظار التكليف
أشار النحات العالمي بأنه في حال كلف بتنفيذ تمثال لأحد حكام الكويت وبعض الشخصيات، فهو على أتم الاستعداد.

إحساس بالضيق
اعترف سامي محمد بأنه شعر بالضيق في بداياته من تدخل جمعية الإصلاح، والداعين لوقف فن النحت في الكويت، لكنه الآن لا يهتم لهذا الأمر.

بحاجة للوق
يملك سامي محمد العديد من الصور الخاصة لبدايات جمعية الفنون التشكيلية، لكنه يحتاج لوقت طويل للبحث عنهم في محترفه.

احترام للحضور
سأل سامي محمد الحضور إن كان قد أسرف في الحديث، لربما كان هناك التزامات أخرى للحضور.

صبر وإرادة
أكد سامي محمد على أن فن النحت بالكويت ليس له جذور، وإن من يريد الدخول فيه بحاجة للإرادة والصبر حتى يصل لما يريده.