31 يوليو 2008

اشوفكم على خير!!



تمر على الكويت بعد غد ذكرى الغزو العراقي الغاشم على دولتنا الحبيبة في الموافق 2 أغسطس، وهي ذكرى أليمة لا يمكن أن يناسها الكويتييون ولا حتى التاريخ وراح ضحيتها العديد من الأبرياء من شهداء الكويت الأبطال كما خلف هذا الغزو وليست "الأزمة" او "المشكلة العراقية الكويتية" ولا حتى "الحالة" كما اطلق عليها، العديد من ضحايا الغزو من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية وحتى سياسية.


ذكرى الغزو العراقي الغاشم لا يجب أن تمر مرور الكرام ويتم الاحتفاء بها ببرنامج تلفزيوني نمطي، أو بتغطية صحفية تكاد تتقلص مساحاتها كلما مرت السنين تلو السنين، إن ذكرى مثل الغزو يجب أن يعاد النظر في الطريقة المثلى للاستفادة من الغزو وآثاره والبحث عن أسبابه حتى لا يتكرر "الله لا يقوله".


ليس لدي الكثير لأسرده في هذا الموضوع، فهذه هي المرة الأولى التي سأغادر الكويت خلال هذه الذكرى منذ الغزو حتى العام الماضي، سأكون في إجازة عائلية على أرض الكنانة بجمهورية مصر العربية، لعل النيل والأهرامات وغيرها يمكنهم أن يغيروا من الروتين "الفوضى" التي نعيشها في الكويت هذه الأيام..اضرابات..حرائق..حوادث سيارات..ازدحام مروري..حر الصيف..ملاقة التلفزيون..سخافة المسلسلات...إلخ
نشوفكم على خير ويا رب يحفظ بلدنا من كل شر..

الحل بالتسفير..!!







توقعت أن يكون وزير الداخلية ومن انضم لفريق انقاذ الوضع الساخن الذي فجره البنغال في مناطق متفرقة في الكويت، وزير الداخلية الذي كان محط أنظار الجميع خلال أحداث الصباحية وكيفية تعامله مع ملف الانتخابات الفرعية، يخرج اليوم ليواجه مشكلة ذات أبعاد أمنية سياسية اجتماعية ثقافية ليأمر ضباطه الذين أمروا أفرادهم بالتوجه لضرب من يحرض ويشارك في أعمال الشغب "الاضرابات الملتهبة" في بعض المناطق، والصور التي تناقلتها الصحف لم تبين حجم الضرر الذي احدثته تلك المواجهات ولكنها ركزت على أفعال عناصر وزارة الداخلية، نعم تم اخماد البركان ولكن هذا لا يعني أن فوهته لن تثور مجددا!! إن اغلب الصور التي أجادت عدسات الصحف التقاطتها تبين مدى الخلل في تعامل عناصر الداخلية مع الحدث ومع المشاغبين من البغنال.

ضرب ودخان مسيل للدموع وغيرها من الوسائل التي يراها رجال الامن هي السبيل الوحيد للردع لكنها تشكل فشلا في التعامل من قبل المنظمات الحقوقية التي لن تفوت هذه الفرصة السانحة لتعيد قراءة الاحداث وتتهم الكويت مجددا بسوء تعاملها مع هذه القضية، ولم يتقصر الامر على السلوك الذي ربما نعتبره "عادي" وطبيعي في ظل ما جرى، لكن ما صرح به وزير الداخلية من اصداره قرار الإبعاد الإداري لكل من شارك في المظاهرة، هو تعسف في استخدام السلطات بل يعرف الكثيرين أن هذا "الامتياز" الذي يملكه وزير الداخلية يتداخل مع دور السلطة القضائية، ويفتح لنا المجال للتفكير إلى أي مدى بإمكان الوزير أن يصدر قرار الإبعاد بحق كل إنسان في الكويت سواء بوجه حق أم لا؟!

300 بنغالي على متن طائرات رحلت دون رجعة بهم لبلاد البنغال، ولولا عدم وجود حجوزات لتم تسفير جليب الشيوخ بالكامل على متن تلك الطائرات، وكما قالت أحد الصحف أن الوزير لن يرضى باكل حقوقهم هؤلاء وسيتم ارسال مستحقاتهم المالية لمحامي السفارة البنغالية متى ما تم تحصيلها من الشركات التي أصلا لن تدفع إلا من رحم ربي!!



القضية يا كرام ليست قضية تسفير مثيري الشغب أو البحث عن حل مثل إلغاء قانون الكـ"فيل"، القضية يا سادة هو قناعة مترسخة لدينا بأننا منزهين عن انتهاك حقوق الانسان وبأننا ما زلنا بلد فيه مجتمع محافظ على عاداته وتقاليده التي لا ترضى بالظلم لكن الظلم متفشي ولدينا من المحافظين على مصالحه ويرفضون حقوقهم غيرهم، يرفضون أن يخرج عنهم من يطالب بحقوقه المسلوبة من قبلهم ويعتقدون بأن الكويت "اقطاعية" وأن من فيها من غير أهلها هم "رقيق" يحمدون ربهم لوجودهم على هذه الإقطاعية!!

هذه النظرة والسلوك الذي نمارسه ترسخ لدى الكثيرين ممن تناسوا ما يقرع الشرع والقانون من حقوق متساوية لكافة البشر، فبعضهم لا يعرف الشرع وتطبيقه إلا في الذهاب لصلاة الجمعة من غير وضوء أو خشوع في الصلاة!!، وما يثت بأننا فقراء في ثقافة حقوق الإنسان وكيفية التعاطي مع هذا الملف الهام الذي بإمكانه نقل دولة مثل الكويت في العالم الثالث أو حتى الرابع إلى دولة "تحترم نفسها" وتقف في مصاف الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان، إن مقرر الدستور وحقوق الإنسان التي أقرتها وزارة التربية وبدأت في "تلقينها" لطلبة مدارسها لم تخرج بجديد لأنها بحثت كتاب مدرسي يغرس في طلبتنا أن الكويت "دولة افلاطونية" لا وجود لمثلها في مجال احترام حقوق الإنسان.

وعلى الرغم من هذا فإن الصفحة السوداء يظل بها بقعة بيضاء تدعوني وتدعوكم للأمل، فإذا كنا سنعتبر ما جرى حادثا أمنيا وبالإمكان تجاوزه بطريقة الحكومة وبتغيير سياسة "الحل بالترشيد" بسياسة "الحل بالتسفير" فأتصور أن ما جرى هو "هدوء" ما قبل العاصفة القادمة، التي لن يستطع د.صالح العجيري ولا حتى أي خبير جوي بالتعرف على سرعتها ومدى قوتها المدمرة لدولة صغيرة مثل الكويت!!

29 يوليو 2008

ثورة الجليب ..احنا نستاهل









قنابل مسيلة للدموع..ضرب بالعصي..طلقات صوتية..الترحيل للإبعاد..الخ كانت هذه الوسائل المتوفرة أمام رجال الأمن في محاولتهم لضبط حالة الفوضى وأعمال الشغب الذي قام بها البنغال في جليب الشيوخ، وللأسف كان هذا متوقعا وربما أفظع مما جرى لولا لطف الله بنا وبالكويت في هذا الصيف الحار الذي بالكاد الكويتيين "بالعينه"!!


أحداث الشغب هذا الوصف المثالي كما تعتقد وسائل الاعلام الرسمية ليست سوى تكرار لأحداث خيطان عام 1999، بل هو نتيجة تقاعس مؤسسات الدولة في ضمان حقوق الانسان المسلوبة في منطقة مثل جليب الشيوخ، وللأسف عوامل انتفاضة البنغال كثيرة ومتشعبة ولا حاجة لذكرها مجددا لأنها "أسطوانة مشروخة" لم تعالج إلا بتصريحات "بندول" تخدر الوضع كلما تفاقمت الأوضاع وانهالت المنظمات الدولية للتهم الكويت بالتقصير في حقوق العمال، ولا أعلم أين هم من ضربوا كل التقارير الدولية عرض الحائط واعتبروا ملفقة والهدف منها تشويه صورة الكويت!!


هل قامت تلك المنظمات بتحريض العمال وجلبتهم الكويت بعقود ظالمة، وحرمتهم من رواتبهم وجعلتهم تحت "كفالتها" العبودية؟!، حتى مؤسسات المجتمع المدني "نبح" صوتها في المطالبة بحل مشكلة العمالة الوافدة، وبالطبع حتى بعض فئات المجتمع المحافظ المسلم يرى ان الحل بسيط وهو وقف جلب العمالة من البنغال أو من أي بلد نجد من مواطنيها العاملين في الكويت خرقا للقوانين المخترقة أصلا من المواطنين الكويتيين قبل غيرهم!!، ويرى البعض أن "تسفيرهم" هو الحل السحري لنرتاح من "أذيتهم" و"وساختهم" متناسين أو "يستعبطون" أصحاب هذا الرأي أن من ينظف شوارعنا لو غابوا يوم واحد عن هذا الشارع أو ذاك "لفاحت ريحة ديرتنا"!!


نعم احنا نستاهل اللي يحصل لنا لأن من البداية الكل ساكت ويتفرج على ما يحدث في الجليب وبنيد القار والحساوي وغيرها من المناطق التي دفنا فيها هذه العمالة وتركناهم يصرخون، لتتحول هذه المناطق لفوهات براكين قذفت مشاكلهم بحمم حرقت ما تبقى من صورة الكويت المشرقة في مجال حقوق الإنسان، سكتنا عن أحداث خطان واعتبرناها "هوشة على صحن" على الرغم من انفجار الوضع ووصل لحجز وزارة الداخلية كافة عناصرها التي لم تجرب "عضلاتها" منذ تحرير الكويت!!


هكذا ستصل الأمور كلما ننتهك حقوق الإنسان والدور على "خدم بيوتنا" الذين ربما يعيشون أوضاع أفضل من العمالة الوافدة في القطاع الخاص، ولغاية انفجار الوضع مجددا "الله لا يقول" سأحاول اقناع كل من "سومان وافسار" أن حقوقهم محفوظة وسأحاول توظيف "سومان"* مترجما وسفيرا للبنغال والبنغاليات ليقنعهم أن نظام الكـ"فيل" سينقرض وينتهي بلا عودة ليعيشوا بشرا بيننا فنحن أهل الكويت لا نرضى بأن نتهم بتجار "بشر" على الرغم من وجود شركات ومكاتب جلب العمالة "باعت الكويت"!!
---------------------------------------
*سومان : طباخ بيتنا "شيف"

27 يوليو 2008

الشاهد وعالم اليوم ورأس أم عادل!!


تحاول كل من جريدتي الشاهد وعالم اليوم كل حسب بوصلة مصالحه، تسعيان للانقضاض على وزيرة التربية والتعليم العالي نورية الصبيح، وبشتى الوسائل والمواضيع تحاول كل صحيفة "نبش" المستور في الوزارة لإخراج الوزيرة من الحكومة، على الرغم من نجاح أم عادل في أول استجواب لثاني وزير "امرأة" في تاريخ الكويت السياسي، إلا أن هذه الصحيفتان لا يبدو مقتنعين بأن أم عادل يجب أن تظل تحمل حقيبة التربية أو حتى "جنطتها" الخاصة لأنها حسبما يرون أنها "مو كفو"!!


قبل أيام تحدثت إلى أحد الصحافيين في جريدة "صفراء" النهج، وقال لي أن صاحب الجريدة أصدر أوامره بصيد أي خيط يكون كفيلا لتعليق نورية على مقصلة الاستجواب، ومهما كلف البحث من جهد فستكون الجائزة مغرية تصل ربما لوظيفة ممتازة في أحدى الوزارات!!، أعتقد إن نورية الصبيح نفسها تعلم أن "تصيد" الأخطاء على عملها وما يفعله موظفيها سهل بل أن تكاثر أعداءها من يختلفون معها في وجهات النظر يزداد، ولكن لا يمكن أن يتجرأ نائب إسلامي على استدعاء أم عادل لمنصة الاستجواب مجددا، لأنه باختصار نورية أكرمت الجميع واستطاعت ان "تلعبها صح"، بدءا من مد يد التعاون بعض الإسلاميين مثل النائب د.فيصل المسلم وبالطبع نواب التحالف الوطني الديموقراطي الذين اعتبروها ممثلهم الثاني في الحكومة مع زميلتها د.موضي الحمود.


إن مسألة محاسبة نورية الصبيح على أي تقصير أمر عادي ومن السهل البحث عن مواطن الخلل في حقيبتها، المليئة بالملفات الساخنة التي تكاد تنفجر من حقيبتها وتتناثر في كل الشوارع، إن استعداد المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد وفقدان العديد من المدارس عمال النظافة وحاجة المدارس للمدرسين والمدرسات، وغيرها من مشاكل مدارس الوزارة التي لا نجد مثل تلك المشاكل في المدارس الحكومية، أعتقد ليست بحاجة لجاسوس من جواسيس الصحف وزرع عيون المخبرين في ممرات مبنى الوزارة في الشويخ، هي بحاجة لكاميرا توضع في حقيبة أي طالب ليأت بكوارث تربوية من الطبيعي أم عادل تعلمها جيدا ولكن ماذا ستفعل هي لوحدها!!



اغتيال ناجي العلي في الكويت!!



يشهد العالم العربي في شهر يوليو من كل عام ذكرى اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي يتباكي عليه الجميع الكتاب والصحف العربية والشعوب العربية بطبيعة الحال وفلسطين تحديدا.

وفي كل حفل تأبين يتم سرد حياة هذا الرسام واستعراض بعض أعماله الخالدة في الذاكرة العربية، والتي تصلح بأن تكون رزنامة لحال العرب في كل يوم وبين فترة وأخرى تخرج بعض المؤلفات التي تهتم إما بحياته الخاصة وإما بفنه وما خلفه من إنتاج وصل إلى أربعون ألف رسمة كاريكاتيرية، إضافة إلى بعض كلمات المعدة مسبقا للحدث وأبيات الشعر التي ترثي الشهيد، والبعض يستغل المناسبة ليجلد الحال وما وصلت له الأمة العربية من هوان.


وينصرف الجمع كل في طريقه وتغلق القاعات وتزال الصور والكراسي والسجاد والميكروفونات، وتطفأ الأنوار وتحبس الكلمات في تلك القاعات ولا تخرج إلا من آذان من سمعها بينما تظل الجدران حافظة وبدقة لكل ما قيل، ولا يلتفت أحد لماذا لم يخرج لنا رسام كاريكاتير يحمل راية ناجي العلي، ويكون الوصي الشرعي على حنظله وإخوته الذين ينتظرون من يأخذ بثأر والدهم والعودة لكامل التراب الفلسطيني.

إن فنان الكاريكاتير دون سواه من الفنانين يحتاج لمساحة بيضاء شاسعة ولا تحدها الحدود ولا تثبتها قواعد الفنون والرسم على الأرض والورق، فهو أي فنان الكاريكاتير لازما يملك ريشة شجاعة صريحة تستهدف المشهد الحاضر، وإذا كان ناجي العلي عاش في الزمن الجميل من الحرية الصحفية التي تتمتع بها الكويت وضاق انخفاض سقف الحرية الصحفية في الكويت في ذات الوقت، إلا أنها كان صريحا هاجم الجميع حتى بعد "تسفيره" للخارج.

ناجي العلي كان يحمل قضية واضحة لا تحتاج لبهرجة الألوان ومعارض للنخبة، كانت رموزه رغم بساطتها إلا أنها تحمل معاني عميقة تحولت لأبجدية كاريكاتيرية يحاول كل رسام وناقد فك رموزها واستيعاب فلسفتها، كانت رسوماته تحكي المستقبل وتخاطب الجماهير من المحيط للخليج بلغة الخطوط وتضاد الأسود والأبيض، لم تكن ريشة العلي خفيفة الظل بل كانت ترسم تراجيدية مأساوية، تجعل الناظر إليها تختلط عليه ملامح الحزن والفرح.

وخلال محاولتي الفاشلة للبحث في المكتبات العامة لوزارة التربية المنتشرة في مناطق الكويت، لم أجد أي كتاب عن ناجي العلي الذي عاش بالكويت واعتبرها خط الدفاع الثاني الذي يلجأ له، بل كان إبداعه نتيجة الانفتاح السياسي والأجواء الثقافية المميزة بالكويت بلاد العرب، للأسف اختفت كل نسخ كتاب "كاريكاتور ناجي العلي" من هذه المكتبات فجأة بعد الغزو العراقي الغاشم، وتصورت أن للغزاة دور في هذا كما كان لهم من تدمير وسرقة العديد من آثر وكتب من متاحف الكويت.

اليوم أتساءل لماذا لم يخرج رسام كاريكاتير مثل ناجي العلي من الصحافة الكويتية، رغم كل هذا الانفتاح وبلوغ عدد الصحف الكويتية أكثر من 15 صحيفة بعدما كانت خمس فقط، الإجابة سعيت وراءها واكتشفتها لكني لن أبوح بها لأن من أكمل قراءة مقالي هذا توصل للإجابة منذ أول سطر من المقال!!

26 يوليو 2008

المجلس الوطني يلغي معركة الجهراء من تاريخ الكويت!!



توجهت بعد إلحاح على زوجتي العزيزة لمدينة الجهراء من أجل زيارة القصر الأحمر، الذي لطالما تحدثت عنه كثيرا لزوجتي وقرأت عنه الكثير سواء خلال دراستي في مراحل التعليم (الابتدائية-المتوسطة-الثانوية) وحتى في الجامعة، كان للقصر الأحمر حضوره في مقرر تاريخ الكويت الحديث والمعاصر.

وسبق أن زرت القصر الأحمر عندما كنت صغيرا مع أسرتي خلال الأعياد الوطنية، ولأنني فضلت أن اتحمل الصيف وأفنع نفسي بوجود سياحة محلية تستحق التمتع بها، خرجت متوجها للجهراء وأنا أحلم باستعادة تلك الذكريات لجميلة والصور التي تخيلتها عن القصر والمعركة الشهيرة التي خلدته في قلوب الكويتيين وأهل الجهراء بصفة خاصة.

معركة الجهراء التي حدثت في عام 1920 تعتبر من المعارك الهامة في تاريخ الكويت، بل كان من أهم نتائجها بقاء الكيان السياسي للكويت وعدم اندماجه مع تطلعات آل سعود، ومن دون سرد تاريخ المعركة تظل أي معركة او موقع أثري مهما في تاريخ الشعوب وتسعى المؤسسات المعنية بالحفاظ على التراث والتاريخ تساهم في بقاءه وصموده أمام الزمن.

وصلنا لمنطقة القصر في الجهراء حيث يقع المكان المفصود في رحلتي، ودخلنا من بوابة حديدية لم أجد عليها أي حارس يسألنا إلى أين نتجه،أو حتى على أقل تقدير لافتة تدلنا على مكان مواقف السيارات، وعموما اقتحمنا الموقع وأوقفنا السيارة بجانب سور القصر الذي بدى لي رائعا شجعني على تخيل شكل تلك المعركة الشهيرة فيه، وقبل الدخول وجدنا لافتة ليست ترحيبية بل أقرب ما توصف بالتحذيرية، تنبه كل من يدخل للموقع التاريخي بأن ممنوع التصوير ممنوع إدخال المأكولات ممنوع لمس المعروضات، مما جعنلي أفكر بقيمة ما يحتويه القصر من معروضات ربما تكون جواهر وياقوت وذهب نساه علي بابا في القصر!!

عند البوابة أقنعت زوجتي بضرورة الدخول بعدما شاهدت على وجهها حالة الرفض للدخول لهذا المكان المهجور إلا من القطط والغبار، وطلبت منها تشغيل الكاميرا لنبدأ في تفقد المكان، دخلنا البوابة الشرقية المخصصة حسبما درست لكبار ضيوف الشيخ مبارك الكبير، وعند الباب ولحظة التقاط زوجتي بكاميرتها الجديدة استقبلنا شخص عرفت بعد ذلك أنه حارس الامن، فقال بملل أنه "ممنوع التصور يا باشا"!! وعلى الرغم أني لسنا في زمن الباشاوات ولست من فصيلة الباشاوات، رغم ذلك قبلت بهذا المديح الرخيص على الطريقة المصررية، مع العلم أن الشيخ مبارك الكبير الذي بني القصر في عهده منح لقب قائم مقام من الدولة العثمانية نظير حمايته للدولة العثمانية.*

عموما سألت الحارس عن سبب منع التصوير فقال لي بذكاء!! أن هناك لافتة بالخارج كتب عليها ذلك، لم أرغب في مجادلته لكني رغبت في جعله دليلا سياحيا،فطلبت منه جولة في المكان ومطبوعات تتضمن معلومات عن المكان، بينما كانت زوجتي تلتقط الصورة خلسة وراء ظهري للمكان فهذا كان اتقاقي معها بلغة الإشارة، صادفت هناك شابين يحاولان هما أيضا التقاط صورا للمكان.

عاد لنا حارس الأمن ومعه مفاتيح خيل لي أنه أقرب لمأمور سجن يملك مفاتيح كل العنابر في سجنه، وقام بإدخالنا الغرف المخصصة للعرض واحدة تلو الأخرى، لم تكن تحوي على شيء يلفت الانتباه لأنه باختصار شديد تحتوي على معروضات متفرقة لجانب من جوانب حياة البادية كصناعة السدو وادوات الزراعة والتجارة وأدوات الصيد وبجانبها طبعا بعض التماثيل الشمعية التي تخيلت بانها فرحة بدخولنا!!

وبعد تلك الجولة طلبت منه بإلحاح كتيبات ومنشورات تخص المكان بإنطلق الحارس لجلبها، ولأمسك بزوجتي ونتوجه لاكتشاف المكان قبل قدومه، لم نجد شيئا يذكر فكل شيء تقريبا في القصر زواياه وجدرانه وغرفه تركت للرياح لتعبث بها، حتى أن على ما يبدو بعض المسؤولين عن المكان "إن حضروا أصلا" تركوا بعض الحاضنات الزجاجية للمعروضات الثمينة في إحدى أحواش القصر!!

عموما خرجت من القصر "منقص ويهي" من زوجتي التي وعدتها برؤية القصر الأحمر المهيب، وحتى أضفي على الرحلة شيئا من المرح والسعادة، قررت أن آخذ زوجتي للمارينا او أي مجمع تجاري حتى تنسى هذه الرحلة السياحية للجهراء.

بعد رحلة التسوق التي تكللت بالنجاح وبالظفر بمشتريات زوجتي وبخسارة مافي جيبي، أخرجت الكتيب الذي حصلت عليه من حارس القصر الأحمر لأنظر فيه لأكتشف ذلك التغير للمكان، بل كل هذا لا يهم بقدر اكتشافي للمعلومات المهمة عن القصر، وللاسف لم يذكر الكتيب أي إشارة لمعركة الجهراء وكأنها لم تحدث في تاريخ الكويت على الرغم من أن من أعد هذا الكتيب من خيرة الأكاديميين المتخصصبن في تاريخ الكويت!!

وفي خاتمة الكتيب لفت انتباهي هذا النص " هذا هو القصر الاحمر حصن الجهراء الحصين فهو قصر الكويتيين الأوفياء وهو شاهد على بداية تاريخ الكويت الحديثة، فقد ضم بين أحضانه الكويتيين في أكتوبر عام 1920 وهو شاهد على الوفاء والتفاني والحب والإخلاص لأرض الكويت، والتطلع إلى صنع بلد متطور أساسه القوة ودعامته الدين والديموقراطية في ظل الحكومة وأبناءها المخلصين"

ما أعرفه أن الكويت بلد يحكم نظام ديموقراطي السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعا، فليست الحكومة هي رأس الحكم فيه بل هناك رئيس الدولة "الأمير" ومعه السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ونحن الشعب الكويتي أبناء الكويت ولسنا أبناء الحكومة المخلصين!!

---------------------------------------

* حقيقة