31 يوليو 2008

الحل بالتسفير..!!







توقعت أن يكون وزير الداخلية ومن انضم لفريق انقاذ الوضع الساخن الذي فجره البنغال في مناطق متفرقة في الكويت، وزير الداخلية الذي كان محط أنظار الجميع خلال أحداث الصباحية وكيفية تعامله مع ملف الانتخابات الفرعية، يخرج اليوم ليواجه مشكلة ذات أبعاد أمنية سياسية اجتماعية ثقافية ليأمر ضباطه الذين أمروا أفرادهم بالتوجه لضرب من يحرض ويشارك في أعمال الشغب "الاضرابات الملتهبة" في بعض المناطق، والصور التي تناقلتها الصحف لم تبين حجم الضرر الذي احدثته تلك المواجهات ولكنها ركزت على أفعال عناصر وزارة الداخلية، نعم تم اخماد البركان ولكن هذا لا يعني أن فوهته لن تثور مجددا!! إن اغلب الصور التي أجادت عدسات الصحف التقاطتها تبين مدى الخلل في تعامل عناصر الداخلية مع الحدث ومع المشاغبين من البغنال.

ضرب ودخان مسيل للدموع وغيرها من الوسائل التي يراها رجال الامن هي السبيل الوحيد للردع لكنها تشكل فشلا في التعامل من قبل المنظمات الحقوقية التي لن تفوت هذه الفرصة السانحة لتعيد قراءة الاحداث وتتهم الكويت مجددا بسوء تعاملها مع هذه القضية، ولم يتقصر الامر على السلوك الذي ربما نعتبره "عادي" وطبيعي في ظل ما جرى، لكن ما صرح به وزير الداخلية من اصداره قرار الإبعاد الإداري لكل من شارك في المظاهرة، هو تعسف في استخدام السلطات بل يعرف الكثيرين أن هذا "الامتياز" الذي يملكه وزير الداخلية يتداخل مع دور السلطة القضائية، ويفتح لنا المجال للتفكير إلى أي مدى بإمكان الوزير أن يصدر قرار الإبعاد بحق كل إنسان في الكويت سواء بوجه حق أم لا؟!

300 بنغالي على متن طائرات رحلت دون رجعة بهم لبلاد البنغال، ولولا عدم وجود حجوزات لتم تسفير جليب الشيوخ بالكامل على متن تلك الطائرات، وكما قالت أحد الصحف أن الوزير لن يرضى باكل حقوقهم هؤلاء وسيتم ارسال مستحقاتهم المالية لمحامي السفارة البنغالية متى ما تم تحصيلها من الشركات التي أصلا لن تدفع إلا من رحم ربي!!



القضية يا كرام ليست قضية تسفير مثيري الشغب أو البحث عن حل مثل إلغاء قانون الكـ"فيل"، القضية يا سادة هو قناعة مترسخة لدينا بأننا منزهين عن انتهاك حقوق الانسان وبأننا ما زلنا بلد فيه مجتمع محافظ على عاداته وتقاليده التي لا ترضى بالظلم لكن الظلم متفشي ولدينا من المحافظين على مصالحه ويرفضون حقوقهم غيرهم، يرفضون أن يخرج عنهم من يطالب بحقوقه المسلوبة من قبلهم ويعتقدون بأن الكويت "اقطاعية" وأن من فيها من غير أهلها هم "رقيق" يحمدون ربهم لوجودهم على هذه الإقطاعية!!

هذه النظرة والسلوك الذي نمارسه ترسخ لدى الكثيرين ممن تناسوا ما يقرع الشرع والقانون من حقوق متساوية لكافة البشر، فبعضهم لا يعرف الشرع وتطبيقه إلا في الذهاب لصلاة الجمعة من غير وضوء أو خشوع في الصلاة!!، وما يثت بأننا فقراء في ثقافة حقوق الإنسان وكيفية التعاطي مع هذا الملف الهام الذي بإمكانه نقل دولة مثل الكويت في العالم الثالث أو حتى الرابع إلى دولة "تحترم نفسها" وتقف في مصاف الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان، إن مقرر الدستور وحقوق الإنسان التي أقرتها وزارة التربية وبدأت في "تلقينها" لطلبة مدارسها لم تخرج بجديد لأنها بحثت كتاب مدرسي يغرس في طلبتنا أن الكويت "دولة افلاطونية" لا وجود لمثلها في مجال احترام حقوق الإنسان.

وعلى الرغم من هذا فإن الصفحة السوداء يظل بها بقعة بيضاء تدعوني وتدعوكم للأمل، فإذا كنا سنعتبر ما جرى حادثا أمنيا وبالإمكان تجاوزه بطريقة الحكومة وبتغيير سياسة "الحل بالترشيد" بسياسة "الحل بالتسفير" فأتصور أن ما جرى هو "هدوء" ما قبل العاصفة القادمة، التي لن يستطع د.صالح العجيري ولا حتى أي خبير جوي بالتعرف على سرعتها ومدى قوتها المدمرة لدولة صغيرة مثل الكويت!!

هناك تعليق واحد:

عثماني يقول...

عدل و الله كلامك يا خوي

انا اشوف ان الاضراب و الشغب محصلة طبيعية لناس ما خذوا ابسط حقوقهم

السؤال .. لماذالا يتم عقاب الشركات و الافراد سبب المشكلة الاصلية التي ادت الى هذه الاحداث ...؟؟؟ مجرد سؤال