18 فبراير 2009

في زنزانة الحرية أعيش!!


لوحة فنية للنحات الكويتي سامي محمد

خرجت من منزلي باحثا عن لقمة العيش التي بالكاد تكفي لسد أفوا أسرتي التي تتكون من سبعة أطفال بالإضافة إلى زوجتي، ولأني أعمل لحسابي الخاص بعدما رفض المسؤولون في وزارة الدفاع عودتي للعمل كعسكري بحد التحرير، فهذا يعني أنه من الصعوية أن أنجح في إتمام صفقة تدر علي حفنة من الدنانير أشتري بها كسوة الشتاء للأطفال والطعام الذي أعم أنه سيختفي قبل إتمام اسبوع من شراءه!!

ذات يوم أبلغت زوجتي العزيزة بأن البقاء على هذا الحال سيجعلنا نعيش تحت خط الفقر، ولابد من البحث عن أي عمل آخر مضمون الراتب، لكنها كالعادة جعلتني أستعيد ذاكرتي لتذكرني بأني من فئة البدون وأني لن أحصل على أي وظيفة بسهولة كما هو في السابق، خصوصا وأني لا أحمل أي أوراق رسمية تثبت بأني رجل على الأقل!!

مضت الأيام واليأس يزداد في تحطيمي ومظاهر الجوع والبؤس بدت في التسلل إلى بيتي الصغير، ولم أجد سوى تلك الطريقة للحصول على المال، لن أسرق بطبيعة الحال ولن اخون البلد التي تربيت بها وكنت أحد جنودها يوما ما، ولكني سأتشارك مع أحد المواطنين في شراء سيارات مستعملة وأقوم ببيعها من جديد بعدما أجد من يشتريها خارج حدود الكويت.

كان كل شيء يسير كما خططت له، رغم العقبات التي اواجهها إلا أن الحال تحسن إلى حد ما، ولكن دوام الحال من المحال راحت السلطة تضيق الخناق على كل من ينتمي لفئة البدون، هذه المرة مختلفة فهم يطالبوننا بتحسين أحوالنا واصدار أي ورقة رسمية سواء من القمر أو من المريخ لا يهم المهم أي ورقة رسمية، حتى نرتقي لمستوى البشر كما يرون!!

بحثت هنا وهناك وفي نهاية الامر استسلمت لفكرة شراء جواز سفر لأحد الدول العربية، وبالفعل حصلت على الجواز "المزور" لأنني في الأصل لا أعرف إلا بلد واحد هي الكويت فهذه بلدي التي وضعت علمها على كتفي كعسكري طيلة خدمتي، بصراحة كنت أخشى أن يكتشف أمري وأتعرض للمساءلة القانونية، على الرغم من أني لا أعتبر موجودا وقفا للقانون!!

مضت الأيام والسنوات دون أن يتغير شيء والحال بدت تتحسن إلا حد ما، إلا أن ذات يوم وجدت نفسي في قبضة رجال أمن الدولة ليتم حبسي في سجن الإبعاد بانتظار القرار الوزاري، وحسبما اعتقدت بأن تهمتي حملي لأوراق مزورة، قررت السلطات ترحيلي للبلد الذي أحمل جواز سفرها المزور، وعلى نفس الطائرة التي غادرت بها إلى ذلك البلد عدت للكويت!!، هناك رفض المسؤولون استقبالي كوني لا أنتمي لهم، عدت للسجن مجددا وبحثت السلطات عن حل آخر وتقرر إبعادي هذه المرة لبلد آخر ظنا منهم بأني أنتمي لهم حسب تخمين المسؤولين، وتكررت نفس الحكاية عدت للكويت لأني أيضا لم تقبل سلطات تلك الدولة الأخرى استقبالي، هذه المرة فقط اقتنعت السلطات بإرجاعي لسجن الإبعاد لأبقى هناك حتى يجد المسؤولين حلا لمشكلتي، قد يتساءل القارئ كم يوما عشت في ذلك السجن؟

20 يوم

لا

شهرين

لا

خمسة شهور

لا

ثمانية شهور

أيضا لا

سنة

لا

ممممممممممممممممم


















خمسة سنوات


لا تتعجب منذ عام 2004 وانا محبوس!!


مازلت محبوسا في سجن الإبعاد، من دون محاكمة أو حتى إطلاق سراحي لا أعرف كيف تعيش عائلتي الآن، ولا أعرف كيف يرتاح المسؤولين ويردقون في أسرتهم وهم يعرفون بأني متهم مسجون دون تهمة، لم أحكي حكايتي هذه لأجعلكم تتعاطفون معي أو تتعاطفون مع فئة البدون فأنا أعلم بأن هذه القضية بالنسبة للبعض لا تعنيه وربما يحن قلبه على قط مشرد أكثر من أن يلتفت لقضية إنسان "بدون" لا يريد سوى أن يعرف هل هو يستحق السجن من غير تهمة؟!


المتهم البريء : أ.م.ج
سجن طلحة
زنزانة الحرية!!
















قصة حقيقة وبطل القصة ما يزال قابع بتلك الزنزانة حتى الآن!!

هناك 8 تعليقات:

Salah يقول...

لا حول ولا قوة الا بالله

أمر مخجل أن يحدث كل هذا في الكويت والجميع ساكت... مجلس الأمة... جمعية حقوق الانسان... حكومة اصلاحية! كلهم ساكتين!

خديجة البهاويد يقول...

لا اتوقع من المسؤولين تفهم مصائب هذه الفئة المحرومة

شيء طبيعي ان يناموا قريري العيون ولا تنغص احلامهم كوابيس الاحساس بالذنب

الضمـــــير

عندما يوأد ويقتل ويسلب من احضان القلب

عندها لا تعني الانسانية شي

ولا حول ولا قوة الا بالله

كاريكاتير يقول...

مرحبا

كم هي مؤلمة تلك القصة القضية..

الاخ صلاح

النائب د.وليد الطبطبائي ومحمد هايف مثلا مجلس الأمة في زيارة للسجن ولكن حتى الآن لم أسمع او أقرأ اي تحرك نيابي!!

جمعية حقوق الإنسان حسبما علمت توجهت للسجن لزيارة السجين المنسي ولكنها لم تتحرك في سبيل الإفراج عنه.

الحكومة
ماتبي تتحرك لأنها أساس المشكلة!!

المبدعة خديجة

المشكلة في صلاحيات وزير الداخلية

كيف لوزير في السلطة التنفيذية ان يقرر في شأن يجب ان يكون من صلاحيات السلطة القضائية!!

هذا بحد ذاته موضوع كبير يا بوخرشد!!

خديجة البهاويد يقول...

اقرأ موضوع قضاة لا يعرفون القانون

http://wwwthefreedom.blogspot.com/2009/01/blog-post_3302.html

بنت الشاميه يقول...

لاحول ولا قوة الا بالله
هذا يرضى من...؟؟؟؟
الله يكون بعونه وبعون عائلته

كاريكاتير يقول...

مرحبا

المبدعة خديجة

للأسف هذا الموضوع أثير مرات عديدة لكن لا حياة لمن تنادي خاصة وأن هناك تيار متأسلم باع الدين واشترى مكاسبه ويريد ان يهدم كل ما تبقى للمواطن من وطن مدني..

بنت الشامية العزيزة

قريبا تفاصيل جديدة عن ما أثرته في القصة وبالوثائق!!

ZooZ "3grbgr" يقول...

لا حول ولا قوة إلا بالله

ظلمه برقبة منو؟؟

يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام




لا تظلمن يوماً إذا ما كنت مقتدراً
فالظـلم آخــره يفضي إلى الـندم

تنــام عيـناك والمظلـوم منتـبه
يدعــو عليك وعين اللـه لم تنـم

كاريكاتير يقول...

مرحبا

اختي عقر بقر..

خليها على الله...حسب آخر معلومة هناك 18 شخص بوضع أ.م.ج افرج عنهم وعانوا الظلم وهناك يقال سجينين إضافة إلى بطل قصتنا يعيشون ذات المعاناة!!