لماذا هذه الذكريات؟
لماذا هذه المذكرات؟!
لماذا هذه المذكرات؟!
بالطبع سؤال يتبادر إلى ذهني كلما فكرت فيه، هل أملك الإجابة الوافية له؟ هل هو نوع من الهوس والاعتزاز بالنفس ورسم صورة مخلدة لطالب جامعي، أم هو سرد تاريخي لأحداث جرت داخل الحرم الجامعي، عايشتا خلال دراستي وعاصرتها كأحد الذين نالهم شرف عمل بالصحافة الطلابية والمحلية على حد سواء، أم تلك المذكرات تجربة تستحق إخراجها حتى تستفيد منها الأجيال القادمة من طلبة الجامعة.
هذا كله لا يعد إجابة مقنعة للسؤال بل أجدها تفسيرات لتلك المذكرات، إنما السؤال ذاته أرى أن الإجابة عليه تكمن في كتابة المذكرات بكل تجرد وموضوعية، وهو ما يجده البعض من الصعب تحقيقه، خاصة وأني سأكون ضمن سياق الأحداث التي ستكتب بل هي تدور (أي الأحداث) ذاتها حولي تارة وأنا بعض القصص حول قضايا تارة أخرى.
وحتى لا يعتقد القارئ إن هذه المذكرات فرصة لكشف الأسرار وتشويه سيرة ومواقف بعض الشخصيات والمؤسسات، وأقصد هنا أساتذة الجامعة وبعض الطلبة والقوائم الطلابية والمؤسسات الطلابية، إضافة إلى بعض المؤسسات الإعلامية كالصحف وغيرها، فجميعهم اعتز بهم مهما كانت درجة الاختلاف بيني وبينهم، فهذه المذكرات هي تفسير لما جرى أمامي ومن الطبيعي أن تكون الصورة إلى حد ما ناقصة، أو تحتاج إلى مزيدا من الإيضاح وهو ما لا يمكن إضافته لكون هذه المذكرات ليست كتاب تاريخي يؤرخ مرحلة من مراحل الحياة الطلابية في جامعة الكويت، بل هي رؤية خاصة لحلم تحقق لطالب عاش بتلك الجامعة من عام 1999 إلى 2005.
ربما تتساءل أيها القارئ الكريم ما الذي سآتي به من مذكرات، ومن أنا لأكتب مذكراتي وهذا سؤال وجيه ومن حق الجميع أن يقوله، لكن أعتقد بأن لكل إنسان صفحات من حياته يعتز بها ويرى بها أنها أساس مستقبله وكانت نتاج ماضيه، كما إن كتابة المذكرات هي مشاطرة من يود التعرف علي أكثر ويعيش معي ذلك الحلم الذي أصبح حقيقة!
بدر بن غيث
الفصل الأول
الطريق إلى الجامعة
المدرسة الكبيرة
كنت مع أبي في طريقنا إلى البيت بعد أن أقلني والدي من مدرسة سعد بن عبادة الابتدائية الكائنة بمنطقة العديلية، وسألته ..
- يبه.. هذه مدرسة شنو؟
- يبه .. هذه مو مدرسة هذه جامعة.
- انزين ليش مااروح لها؟
- إن شاء الله انت صير شاطر وانجح وراح تروح لها؟
كنت أسأله بالطبع عن كلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية، التي تعرف الآن بكلية البنات الجامعية، قبل تغيير اسمها وتخصصها حيث كانت كلية العلوم الإدارية، قبل أن تنتقل لموقعها الحالي للشويخ وهو ما سأذكر حوله إحدى الإحداث التي خشيت الصحافة الكويتية الحديث عنه!!
دائما ما حاولت تخيل ما يجري في هذه "المدرسة الكبيرة"هكذا كنت أسمي تلك الكلية القريبة من مدرستي الابتدائية، وبفضل الله أنهيت هذه المرحلة بتفوق وذلك عام 1990، وسط فرحة الأهل والأقارب بهذا النجاح وانتقالي للمرحلة المتوسطة، إلا أن الغزو العراقي الغاشم الذي دام سبعة شهور أجلت دراستي لهذه المرحلة الجديدة، ومع تحرير الكويت من الغزاة وأكرم الله شعب هذه الأرض بنعمة التحرير وعودة الشرعية والحياة فيها كما كانت، عام 1992 انضممت لمدرسة الفيحاء المتوسطة وكان النظام المتبع بعد التحرير دمج السنتين الأولى والثانية في عام واحد، وذلك حتى يتم تعويض الطلبة من فترة انقطاع التعليم جراء الغزو العراقي الغاشم، لقد كانت الدراسة في الفيحاء رائعة حيث تعلمت العديد من الأمور، وصرت أرغب في الذهاب للمدرسة حتى في أيام العطل، بفضل معلم التربية الفنية الفنان التشكيلي عبد العزيز آرتي الذي أبدى اهتمامه بي وراح يعلمني كيف أرسم، حتى أنه طلب مني أن أعمل معه ومجموعة من الطلبة للرسم على جدران الكافيتريا "مسرح المدرسة"، نفذنا بعض الرسومات حول التحرير، ولا أعلم إن كانت موجودة حتى الآن أم أنها ذابت مع مرور السنين.
أنهيت سنة الدمج بنجاح وتفوق مما يعني أنني سأكون في العام المقبل في السنة الثالثة المتوسط ، وانتقل الأهل للسكن في بيتنا الجديد القديم بمنطقة مشرف مما يعني أنني سأنضم لمدرسة مشعان الخضير في منطقتي الجديدة، الحقيقة تبدل كل شيء، كان علي البحث عن أصدقاء جدد، فقد كنت معتادا على المرح واللعب مع الأصدقاء بمنطقة كيفان حيث بيت جدتي، أما في مشرف كانت الشوارع خالية والساحات الترابية نادرا ما أجد الأطفال من عمري يمارسون كرة القدم فيها، ومع هذا بدأت أتعرف على "صبيان الفريج" واحدا تلو الآخر، وبخصوص الدراسة أحسست بالوحشة في صفي 3\5، لم أع ما يجري حولي رغم نجاحي بالصف لكن ترتيبي تراجع وصرت في المرتبة 8، وذات الشيء في السنة الرابعة إلا أن عدد الأصدقاء زاد حتى "صبيان الفريج" بدؤوا بالخروج وتعرفت عليهم وبدأنا باللعب والتقرب من بعضنا البعض.
مرحلة جديدة
كانت عطلة الصيف عام 1994 هي الفترة التي بدأ الجميع من حولي، توجيه انتباهي بأن المرحلة القادمة ستكون مختلفة ومهمة إذا أردت أن أصبح طالب في جامعة الكويت، أعلى الصروح التعليمية في الكويت، خصوصا وأنا أكبر الأبناء والكثير من الأقارب اقتنع بأن هذا الصبي "بدر" سيكون جامعي يوما ما، وبدأت الدراسة في مدرستي الجديدة ثانوية صالح شهاب للمقررات وأنهيت العام الأول بمعدل "جيد جدا"، كان عاما دراسيا مميزا حصدت في إعجاب المعلمين وبعض الزملاء وتوثقت علاقتي بالعديد من الأصدقاء الجدد مثل الصديق العزيز فيصل الفداغي، الذي كان رفيق جلوسي وأنا أنتظر والدي في "الهده" بعد نهاية الدوام أيام الدراسة في مشعان الخضير (المرحلة المتوسطة)، وكان نادي القادسية وأخباره وعالم كرة القدم هو القاسم المشترك الأول الذي جمعنا، وزامن ذلك تطابق جدوله الدراسي مع جدولي مما يعني قضاء كافة الأوقات معه، وفي العام التالي بدأت الدراسي تصعب خصوصا وأن تخصيصي "علوم" والأهل بدئوا مرتاحين من اعتمادي على نفسي في الدراسة، وفي الحقيقة أنهيت السنة الثانية ومعدلي انخفض لعدة أسباب منها الانضمام لفريق الناشئين بنادي كاظمه لكرة القدم، واهتمامي بكرة القدم واللعب مع فريق "الفريج" تقريبا طيلة أيام الأسبوع!!
هزة أرضية!!
لم أكن اعلم أن هذه الأمور ستكون كفيلة بابتعادي عن الحلم، وفجأة تعرضت في أحد الأيام لهزة أرضية أشعر بألمها كلما دخلت ثانوية صالح شهاب ووقفت أمام المربي الفاضل أ.سعد العازمي الذي كان معلما لمقرر الكيمياء، وحاليا هو المدير المساعد في المدرسة التي أعمل فيها معلما، وأرجع لتلك الهزة ففي أحد الفصول الدراسية وبينما كنت فرحا بمشاركتي بأحد المباريات في دوري الناشئين، صدمت بشهادة الفترة الأولى حيث حصلت في مقرر الكيمياء على درجة "ضعيف" أما بقية المقررات فلم أحصل على درجة "ممتاز" إلا في مقرري اللغة العربية والتربية البدنية، كانت صدمة لم أجد أي كلمة تحتوي الموقف أمام الأهل، فلم يكن أحد يتوقع حتى أن أحصل على درجة "جيد" كأقل تقدير فكيف بهذه الدرجة التي لا تمثل طموح وتوقعات أقرب الناس من حولي!!
يتبع غدا...
هناك تعليقان (2):
وين الجزء الثاني ؟؟
بالانتظار
السلام
الاخت ماكنتوش اشكرج على زيارتج المدونة اولا
ثانيا المذكرات متواصلة وتقدرين تتابعين حلقاتها من خلال البحث في ارشيف المدونة :)
إرسال تعليق